أحببت السياسية والسياسيين صغيرا الى ان درست العلوم السياسية. عندها فقدت الثقة في كليهما، ووجهت مشاعري شطر الأدب.
لكني اعترف باحترام خاص للدكتور سلام فياض، الاقتصادي الذي نجح في السياسة حيث فشل السياسيون، ونجح في الامن حيث فشل اصحاب الرتب العسكرية الكبيرة.
سلام فياض يدخل السياسة من باب المهنية، والمهنية لدى الاقتصاديين لديها اسس للنجاح، لذا فهي تقودهم الى مراكمة النجاحات وصولا الى القمم.
نجح سلام فياض في انقاذ الميزانية الفلسطينية الخاوية، وملئها بالوقود الذي يُسيّر اليوم الوزارات والمؤسسات بموظفيها الـ 150 الفا بتكلفة تصل الى حوالي 200 مليون دولار شهريا.
لكن فياض يدرك ان الوقود القادم الآن للخزينة الى زوال، فهو ليس بئر بترول فلسطيني لا ينضب. فالرجل يعرف من تجربته الطويلة مع المانحين ان للمنح ظروفها وشروطها، وان ما يصلح اليوم لن يصح غدا.
في العام 2005 استقال سلام فياض من وزارة المالية لان البنك الدولي في حينة طلب منه تخفيض الجهاز الحكومي من 160 الف موظف الى النصف (80 الف موظف).
البنك وضع فياض امام خيارين احلاهما مر: اما تخفيض عدد الموظفين او تخفيض رواتبهم.
غادر فياض وزارة المالية، وزاد بعده عدد موظفي السلطة الى ان وصل في عهد الحكومات اللاحقة الى 175 الفا.
اليوم يعود سلام فياض رئيسا للوزراء، ويعود معه الدعم الدولي للخزينة الذي انقطع ما يقارب العام ونصف العام.
لكن فياض الاقتصادي يدرك ان عليه ان يتعلم صيد السمك لان المجتمع الدولي لن يمنحه سمكا ليطعم شعبه طوال العمر.
الخطوة الاولى كانت في تقليص الجهاز الحكومي، فعمل على شطب حوالي 30 الف اسم وضعت على جدول الرواتب "في غفلة من الزمن".
وجد فياض ان الحكومة تدفع ثلث ميزانيتها (500 مليون دولار) سنويا لتغطية المتهربين من دفع فاتورة الكهرباء. "هولاء الذين لا ينسون دفع كرت الجوال لكنهم يتهربون من دفع فاتورة الكهرباء". فلم يجد غير براءه الذمة وسيلة لملاحقتهم.
فياض يدير حكومة كل ما تستطيع توفيره من الايرادات المحلية لا يتجاوز ربع نفقاتها، فأنا له بـ500 مليون دولار سنويا لتغطية الهدر في الكهرباء..
سلام الذي نجح في اعادة "الشيكل" بيوت 150 الف موظف، يواجه اليوم عراقيل من"آل البيت" الذين لا يخفون مراميهم في اخراجه من "البيت" بعد ان اعاد تعمير ما هدمته ايادي "الثوار والمجاهدين".